U3F1ZWV6ZTM5MzM2NDA3MzE2MzA1X0ZyZWUyNDgxNjgwNzE4ODE1Ng==

تجليات الأزمة ودواعي الإصلاح

تجليات الأزمة ودواعي الإصلاح

تجليات الأزمة ودواعي الإصلاح

لا ينبغي للمثقف أن يميل جهة المقاربات النمطية؛ التي تختزل تجليات الأزمة فيما أصبح يعرف بالحرص الغربي على اجتثاث الهوية الإسلامية وإن كنا لا نستثنيها، دون الالتفات إلى المشاكل العلمية والتربوية والمنهجية التي يعاني منها التعليم الديني في المنظومة التربوية، كما لا نحبذ اتهام هذا النوع من التعليم بالانغلاق والتعصب وعدم الإنتاجية مسايرة لفئة نافذة في الاقتصاد والسياسة والإعلام لا تنظر إلى هذا النوع من التعليم بعين الرضى لأنها ترى فيه نقيض مصالحها.

أساسيات لابد منها للإصلاح التربوي

إننا نبحث عن مقاربة عقلانية حقيقية تعتمد قواعد البحث العلمي، بعيدا عن نظرية الإقصاء، وبعيدا في الوقت نفسه عن نظرية المؤامرة. ونركز على الأبعاد الداخلية للأزمة لأننا نعتبرها مجال اشتغال مستمر عبر تاريخ مسيرة الحركة العلمية والتعليمية لزعماء الإصلاح، وليست وليدة اللحظة، وأن الإصلاح من الداخل هو المدخل الطبيعي لأي إصلاح حقيقي.

فبالنظر إلى مسيرة مشاريع الإصلاح التي عرفها العالم الإسلامي في مختلف حواضره العلمية الكبرى نلاحظ أن الدعوة إلى الإصلاح كانت وفق نظرة شمولية لملف التعليم ككل، وبما أن الجامعات التي كانت رائدة هي تلك التي ارتبطت بأذهان الناس بالدين كمرجعية وليس كتخصص في التعليم، فيمكن أن نقول: إن الدعوة إلى إصلاح أنظمتها التعليمية لم يكن يقصد بها التعليم الديني، بقدر ما تركزت على ضرورة إصلاح مناهج تعليم الدين وغيره من العلوم الأخرى. إلى أن حدثت عملية الفصل التي تحدثنا عنها في سياق التحديدات المصطلحية.

وفي انتظار بلورة تصورات عملية لعودة روح التكامل بين العلوم والمؤسسات التعليمية، سنتعامل مع واقع الحال في محاولة لرصد الإشكالات التي يعرفها التعليم الديني وتعليم الدين على حد سواء، في صياغة المناهج (محتوى، طرق ووسائل التدريس، التقويم)، انطلاقا من رصد واقع البحث العلمي التربوي في هذا التخصص، مستخدمين في ذلك على مستوى رصد منظومة المنهاج التربوية مصطلح علوم الشريعة الذي يجمع (علم العقائد، علوم القرآن، علوم الحديث والسيرة النبوية، الفقه وأصوله…) والتي تشكل صلب التعليم الديني وتعليم الدين.

في التصور التربوي: المعرفي والمنهجي

حينما نتحدث عن المنهاج فإننا نقصد بذلك البناء العام للنظام التعليمي بدءاً بالمرجعيات والتصورات الفلسفية، وتحديد المقاصد والأهداف ثم بناء المحتوى التعليمي، ثم طرق ووسائل التدريس وختاما بأساليب التقويم، يضاف إلى ذلك كل ما يتعلق بالأنشطة التعليمية الموازية الموجهة، ومعلوم أن لكل هذه القضايا أدبيات تربوية ناظمة تتطور باستمرار بتطور البحث في علوم التربية، فهل استفادت مناهج علوم الشريعة من نتائج البحث التربوي المعاصر في بناء تصور تربوي معرفي ومنهجي على المستوى النظري، وكذا بناء مناهج تعليمية متجددة على المستوى التطبيقي العملي؟ ونبدأ عمليا بالمستوى النظري. وسينقسم هذا المحور إلى مباحث ثلاثة:

1- الجهاز المفاهيمي وتجديد خطاب التواصل:

ونقصد هنا بالمفاهيم المصطلحات ومعانيها الناظمة للمنهاج التربوي في علوم الشريعة إذ يتأثر تدريسها بمدى تطور العلم نفسه فأضحى الكثير من المفاهيم الجديدة هي الرائجة في تدريس علوم الشريعة كالمقاصد الشرعية وتجديد الأصول وطرقه ناهيك عن بعض المصطلحات التخصصية كالتغير الحاصل في مفهوم الربا عند بعض أهل العلم والفتوى وكل هذه المصطلحات ومفاهيمها تأثر كثيرا في تدريس علوم الشريعة أو بالأحرى ينبغي أن تأثر فيها…ثم إن الله قد تعبدنا بالغايات وليس بالأساليب والوسائل، لأنها هذه الأخيرة تتغير بغير الزمان ومكان ومحل الخطاب.

فقد قال تعالى في الآية 269 سورة البقرة: "يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب".

2- في منهجية التفكير وبناء المعرفة:

يعد تشكيل المفاهيم والمصطلحات لبناء تصورات ومناهج التفكير المدخل الأول والرئيس لتشكيل أي عقل حسب المقاصد المسطرة قبل بناء هذه المفاهيم، وعقل المسلم أحوج ما يكون في هذه الفترات التي يشهد فيها العالم الأمازيغي العربي والإسلامي انتكاسة تتجلى في كثير من المجالات الاقتصادية والسياسية والتربوية…ولا يتحقق ما سبق إلا بتجديد وتوجيه المعرفة الإسلامية توجيها منهجيا يراعي منهج القرءان والسنة في بناء العقول وتحرير النفوس.

3- في العلاقة بين النص والتاريخ في المقررات الدراسية:

قد يلاحظ أي تلميذ إذا ما قرأ محتوى أي كتاب مدرسي في مادة من مواد علوم الشريعة أنه كتاب يقترب من كونه كتاب تاريخ من كونه كتاب علم ذلك أنك تجده مليئا بأقوال العلماء وردود بعضهم على الآخر والمناظرات دون أن يتم تنظيم هذا وفق أحدث الأساليب والطرق التربوية.

وهذه الحمولة تتحول إلى أثار نفسية لدى المتعلمين تحدد قدراته على بناء معرفة جديدة من خلال تفكيكها عن طريق نشاط التحليل والفهم، وإعادة صياغته عبر تركيبه لكي يتم استثماره في حل مشكلات قد تنزل في وضعيات حياتية. مما يحرم المتعلم من تنمية مهارات كثيرة أبرزها التحليل والنقد وهي المشكل للب العملية التربوية (التعليم والتعلم).

لابد هنا أن نتساءل عن أهمية التحليل والنقد في علوم الشريعة، عن طبيعة هذه المهارات في هذه العلوم، لكي نفهم الطريقة الصحيحة لإكسابها للمتعلم. ثم لا بد أن نعرف مظاهر أزمة التعامل مع هذه المهارات وهذه المعرفة حين يقع الغبش وغياب الفهم أو الخلط بين التاريخ والنص فيها فتدخل كل هذه التفصيلات في المحرم الذي لا يمكن تغييره (المقدس)، ناهيك عن المشاكل التي يحدثها هذا في ذهن المتعلم عندما لا يميز بين المقدس فيقف فلا يغير والمتغير ويحتار بين التغيير والنقد والتقديس.

مقترحات حلول للإصلاح

مقترحات حلول للإصلاح:

  • المزاوجة بين الوعي بأن مشكلة التعليم مشكل ذاتي (علميا ومنهجيا)، وأن الغرب من جهة يحاول جاهدا أن يمنع وعي الناس بهذا المشكل.
  • التعليم الديني لم يكن يوما سببا للتخلف والتراجع الحضاري، بل إن السبب في التخلف هو غياب كل العلوم سواء علوم الشريعة أو غيرها عن أداء دورها القيمي والتنموي.
  • الاعتماد على البحث العلمي الجاد من أجل تطوير منظومة التربية والتعليم.
  • إبعاد المنظومة التربوية عن الحسابات السياسية الضيقة ووضع قانون يسمح باستقلال القرارات الوزارية في التعليم.
  • الدعوة إلى التكامل المعرفي بين العلوم حيث ينبغي أن تدرس جميع المواد في المؤسسات التعليمية في إطار من الوحدة وليس التناقض.
  • تحرير المصطلحات والمفاهيم والحسم فيها خصوصا على مستوى الوثائق الرسمية حتى لا يقع التخبط والخلاف المذموم في الممارسة والتطبيق.
  • الحسم في المرجعيات والابتعاد عن فلسفة إرضاء جميع الفئات فإما مرجعية إسلامية في المناهج والتصورات الفلسفية (فلسفة التربية) وإما مرجعيات غربية صرفية.
  • توفير الوسائل التربوية والتقويمية الحديثة وأعني بذلك الوسائل التقنية والتكنولوجية.
  • وضع لجنة علمية تدرس أحدث البحوث التربوية الحديثة في مجال التربية والتعليم في الجامعات الإسلامية وتعطي على أساس ذلك مقترحات لتطوير منظومة التربية.
  • اقتراح جملة من التطبيقات الواقعية لكل المواد الدراسية مع ضرورة توفير الفضاءات التي يجب أن تفرغ فيها هذه التطبيقات.
  • التغييرات والتحيين الذي ينبغي أن يكون في المقررات هو تغيير الوسائل والأساليب أولا وليس تغيير المحتوى فقط، بل إن تغيير بعض المحتوى قد يكون جريمة في حق التربية والتعليم في غالب الأحيان.
  • الاهتمام بالمدرس والمعلم والمربي من جميع النواحي بل وجب أن يرفع قدره بالاهتمام به من جهة الأجرة التي يتقاضاها، ومن جهة الاهتمام بجانبه الصحي والنفسي…

تعديل المشاركة Reactions:
author-img

Admin

موقع مواظب التربوي منصة تهتم بمستجدات وكل ما يتعلق بمادة التربية الإسلامية، خصوصا في المستوى الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي. يعرض جذاذات وفروض وامتحانات، فيديوهات، ونتوفر على مكتبة خاصة. الهدف من إنشاء الصفحة هو المساهمة في إرساء وإدراج وسائل التكنولوجيا والاتصال في تدريس المادة.
تعليقات
تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. ذكرني المقال بتلك الأيام التي كانت الوزارة تمنع تصوير المدارس
    تكميم الافواه
    لا تحية لهم

    ردحذف
    الردود
    1. تلك كانت أياما مشؤومة
      لا تعبر صراحة على دولة الحق والقانون
      فبدل أن يحاسب المقصرون تم وأد الكلام الحر
      مع الأسف

      حذف

إرسال تعليق

- ملاحظاتك مهمة بالنسبة لك أيها القارئ الكريم:
1- أرجوك لا تنشر تعليقا غير مرغوب فيها.
2- رجاء تجنب تضمين عناوين URL الخاصة بموقع الويب في تعليقاتك الجميلة.

الاسمبريد إلكترونيرسالة