U3F1ZWV6ZTM5MzM2NDA3MzE2MzA1X0ZyZWUyNDgxNjgwNzE4ODE1Ng==

إشكالات تنفيذ المنهاج الدراسي في الجامعات الإسلامية

إشكالات في تنفيذ المنهاج الدراسي

يعد المنهاج الدراسي أحد الأسس الكبرى لأي منظومة تربوية، وهو الذي يحدد المواد المدرسة وبدونه لا يوجد تقويم دراسي. وقد سبق لنا أن أتحفنا قارئنا الكريم بمجموعة من المقالات التي تتحدث عن نفس الموضوع وتأتي عناوينها على الشكل التالي:

  • رؤية جديدة لتطوير مناهج تدريس علوم الشريعة.
  • إشكالات بناء المنهاج التربوي.
  • أما هذا المقال فهو خاتمة المقالين السابقين إن صح التعبير فبعد أن تعرفت أيها القارئ النهم على الرؤية الجديدة لتطوير المناهج الخاصة بتدريس علوم الشريعة ثم على أبرز إشكالات بناء المنهاج التربوي، دعني في هذا المقال أحدثك عن إشكالات تنفيذ هذا المنهاج وهي على الترتيب التالي:

    1. إشكالات في التنسيق بين مختلف المراحل التعليمية.
    2. ضعف التنسيق بين المواد المماثلة داخل المنهاج الدراسي.
    3. إشكالات في طرق ووسائل التدريس.
    4. إشكالات في استثمار الوسائل التعليمية.
    إشكالات في التنسيق بين مختلف المراحل التعليمية

    إشكالات في التنسيق بين مختلف المراحل التعليمية.

    تَعْرِف عزيزي القارئ أن مخرجات أي مرحلة دراسية ما هي إلا مدخلاتٍ لمرحلة تليها، وهي بذلك لبنة في سياق تحقيق المقاصد العامة والنهائية من تدريس أي مادة، وهذا يساهم في البناء المتدرج لمحتويات المنهاج الدراسي في أي مادة دراسية.

    ولِتَفْرِضْ أن المناهج الدراسية لعلوم الشريعة تفتقد هذه النسقية في المحتوى داخل أي مستوى دراسي، فهذا يعني أن المعارف والمهارات المكتسبة ستفقد قيمتها إما بضياعها، حيث أن المتعلم لن يستعملها ولن يلجأ إليها مما يعرضها للنسيان. مما قد يؤدي إلى نفور المتعلم من هذه المناهج لرتابتها وعدم نفعيتها ولا يخفى عليك أيها القارئ ما لذلك من آثار سلبية في البناء المعرفي والمنهجي للمكتسبات لدى المتعلم وعلى المنظومة التربوية ككل. أما إذا كان تنفيذ المناهج التربوية في التعليم ما قبل الجامعي متحكما فيه حسب الشروط التي ذكرناها لك؛ فهذا ينتج بناء منهجيا ومنضبطا للمحتوى والمعارف والمهارات المستهدفة منه. ولنتعرف على مثال لغياب هذا التناسق في الجامعات الإسلامية.

    غياب التنسيق بين المراحل التعليمية في الجامعة.

    تشهد المناهج الدراسية في التعليم العالي غياب هذا التناسق إذ يفتقد حتى بين مدرسي المادة الواحد في مختلف السنوات الدراسية، وذلك بذريعة حرية المدرس في تحديد محتوى المنهاج الدراسي، وأن الجامعة هي مؤسسة علمية أكاديمية متحررة من القيود التربوية التي تخضع لها مناهج التعليم ما قبل الجامعي، لهذا عند اطلاعك على المناهج الدراسية لبعض الجامعات الإسلامية العريقة كجامعة القرويين بفاس وحتى بعض الجامعات المعاصرة كجامعة محمد الخامس بمدينة الرباط المغربية…تجد تباينا ظاهرا في بناء وتنفيذ مناهج مواد علوم الشريعة، فتجد أن المقرر الدراسي يضم مباحث لا يجمعها جامع منهجي، ولذلك لا تعجب إن وجدت في الفصل الأول دراسة لمباحث في علم الجرح والتعديل دون أن يستوفي الطالب من هذا العلم مباحثه وأبوابه الأولى والمتعلقة بمصطلح الحديث وأصول التخريج، ثم ينتقل في السنة الثانية لدراسة فقه أحاديث الأحكام قبل أن يستكمل عدته المعرفية من علوم أصول الفقه كالناسخ والمنسوخ…والمشكل والمختلف والمؤتلف والغريب والمحكم والمتشابه وأسباب ورود الحديث، والتي قد تفاجئ بإدراجها في السنة الثالثة مثلا، وقد يرخي تخصص المدرس أو الكتب أو الدراسات التي ألفها ونشرها بظلاله على محتوى المنهاج الدراسي مما يزيد الطين بلة وأنا أتذكر عندما كنت أدرس علوم الشريعة في جامعة فاس أستاذة لا تلبس الحجاب ثم تدرسنا علم مصطلح الحديث.

    ضرورة تطبيق التناسق بين المراحل التعليمية.

    من هذا وذاك يمكن أن تجزم أنت أيها القارئ الكريم بأنه من الواجب على مدرسي أي فن من فنون علوم الشريعة في مختلف المراحل التعليمية بالجامعة أن يُكَونوا مجلسا تعليميا متخصصا في المادة العلمية المدرسة حيث يتم التنسيق والاتفاق داخله على محتويات المنهاج الدراسي في كل سنة دراسية، ويضعون استراتيجيات تدريس لتدريس هذه المواد، ويتم فيه التعاون على إيجاد طرق حديثة ووسائل متجددة خاصة بالتدريس والتقويم؛ لأن المادة المدرسة (علوم الشريعة) واحدة والفئة المستهدفة واحدة (الطلبة، فئة الكبار)، ومخرجات المادة يجب أن تكون متفقا عليها وأن تكون موحدة، وعلى جميع الأطر (الإدارية والتربوية) أن تسعى في تناسق تام إلى تحقيقها، لأن غياب هذا التنسيق، يجعل المجهود المبذول ضخما ونتائجه ضئيلة.

    ضعف الترابط بين المواد المماثلة داخل المنهاج الدراسي

    تعلم باعتبارك متخصصا في علوم الشريعة ما يوجد من تناغم وتكامل بين المواد الدراسية بهذا التخصص، بل إن أي نص شرعي (قرآنا كان أو حديثا) لا يتم فهمه إلا من خلال النظر إليه من زوايا متعددة ومختلفة يتداخل فيها القرآن الكريم بالحديث النبوي والفقه مع أصوله واللغة العربية مع تاريخ التشريع، وعليه فلا يمكن أن توضع مناهج هذه المواد الدراسية في شكل جزر منعزلة عن بعضها، لأن ذلك سيضيّع على الطالب فرصة إدراك الخيوط العلمية الجامعة بين علوم الشريعة منهجيا ومعرفيا، بل إن هنالك علاقة بين مواد علوم الشريعة وبين العلوم الإنسانية، بل وحتى مع (العلوم البحتة). ونحن نأمل أن تبقى تلك الروابط قائمة بين مختلف علوم الشريعة بل أن تتوسع لتشمل العلوم الأخرى.

    التناسق الحقيقي بين المواد.

    تهدف مناهج الحديث في التعليم المدرسي (ما قبل الجامعي) إلى تمليك المتعلم رؤية عامة عن تعاليم القرآن والسنة، معززة بشواهد من سيرة الحبيب المصطفى، ومشدودة إلى تفسير الآيات القرآنية، لكي يدرك التلميذ أن السنة والسيرة على حد سواء بيان للقرآن، وليتم الاستشهاد على محتويات الدرس القرآني بمضامين الدرس الذي يتناول درس السنة والسيرة.

    ينبغي أن يحكم التوازن والتكامل مناهج الدراسة في علوم الشريعة، لهذا يجب أن يتم تدريس علوم الدراية في مادة علوم الحديث وآيات الأحكام، والقواعد اللغوية والفقهية والأصولية ومدارس التفسير والحديث والمذاهب الأصولية والفقهية والكلامية في التاريخ الإسلامي وقواعد الاستنباط في علم أصول الفقه، والفقه المقارن في مادة الفقه الإسلامي، لتتشكل بذلك الرؤية المتكاملة عن علوم الشريعة لدى الطالب باعتبارها أدوات فهم الوحي الالهي.

    أما ما عدا ذلك فيعد شحن للمعارف دون أية ضوابط معرفية أو تربوية أو منهجية، وقد أدركنا أن القطيعة بين علوم الشريعة والعلوم الأخرى أو بين العلوم الإسلامية نفسها من أسباب توقف حركة الاجتهاد في الفقه وباقي الفنون حين اقتصر المحدث على مروياته، وشجع الفقيه على التقليد، وعجز الأصولي عن تجديد قواعده وضوابطه، وليس هناك من طريقة للحد من هذا الجمود إلا بإعادة التشكيل المنهجي لعقل المسلم ومدخل هذا يكون بالبناء السليم للمنهاج الدراسي في علوم الشريعة.

    إشكالات في طرق ووسائل التدريس:

    ويظهر هذا في ضعف الاهتمام بتنمية المهارات والتركيز على المعارف، إذ يعد طغيان طرق التدريس اللفظية من بين إشكالات طرق تدريس علوم الشريعة في جل مراحل التعليم الديني، ونعني باللفظية هنا؛ الاعتماد الزائد على أسلوب التلقين (الإلقاء والمحاضرة) دون أن يبذل المدرس جهد الابتكار والإبداع في الطرق الحديثة المحفزة على المشاركة في عملية التعليم والتعلم، حيث يسهم كل أطرافها في التخطيط والتحضير والإنجاز ثم التقويم.

    والمتمعن في الأدبيات التي تؤطر طرق تدريس علوم الشريعة، يجد أنها لا تخلو من الإشارة إلى النمط الواحد المرتكز خطواته على قراءة النص، وشرح مفرداته، ثم وضع مضمون له مع تحليل أفكاره، وفي الخير يتم تقويم الفهم والحفظ بالاستظهار والأسئلة الشفهية.

    والمتفق عليه أن هذه الطريقة لا تخلق الدافعية للتعلم لدى الطالب، ولا تقوم بتنمية المهارات والقدرات لدى الطالب بل لا إنها لا توصله حتى إلى مرحلة توظيف النصوص الشرعية في وضعيات خارج الفصل الدراسي، ولا يستطيع نقل نتائج هذا التعلم إلى أفعاله وسلوكه.

    تحتاج منا هذه الإشكالات انتاج مقاربات عملية متكاملة، تعتمد البحث العلمي المرتكز على دراسة ميدانية يكون الهدف منه:

    - تشخيص الصعوبات التي يعاني منها هذا المجال.

    - اقتراح الحلول بالاعتماد على تراثنا التربوي.

    - الاستفادة من مختلف النظريات التربوية الحديثة.

    تعديل المشاركة Reactions:
    author-img

    Admin

    موقع مواظب التربوي منصة تهتم بمستجدات وكل ما يتعلق بمادة التربية الإسلامية، خصوصا في المستوى الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي. يعرض جذاذات وفروض وامتحانات، فيديوهات، ونتوفر على مكتبة خاصة. الهدف من إنشاء الصفحة هو المساهمة في إرساء وإدراج وسائل التكنولوجيا والاتصال في تدريس المادة.
    تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق

    إرسال تعليق

    - ملاحظاتك مهمة بالنسبة لك أيها القارئ الكريم:
    1- أرجوك لا تنشر تعليقا غير مرغوب فيها.
    2- رجاء تجنب تضمين عناوين URL الخاصة بموقع الويب في تعليقاتك الجميلة.

    الاسمبريد إلكترونيرسالة